StatCounter





View My Stats

samedi 26 décembre 2015

اسماء الله الحسنى

صابعه كالحية ، تلدغه بين شفتيه كالعقرب ، تعبره إلى صدره .. تسري في شرايينه .. وتنفث سمومها بين ضلوعه كالكير ...

لهفي عليك يا بني !
كيف وصلَت إليك ؟ وماذا جلبت عليك ؟ إنها بوابة الدخول إلى عالم السوءات .. فهي خطوة البداية ، وتأت بعدها خطوات المخازي !!

أمل تحوَّل في لحظة إلى ألم
شعرت بأني بنيت قصري فوق الرمال ، وغرست بذري في أرض لا تنبت إلا المحال
أحسست بدوار يعصف بي ، وبحسرة مرَّة في قلبي ، وشعرت ببركان الغضب يجتاحني ، وبزلزال القهر يعبرني .. تبعثرت أحلامي مع دخان سيجارته !

سقطت عيني في عينه ، فتفجرت عيوني بالدموع !

وليس الذي يجري من العين ماؤها ولكنها روح تسيل فتقطر
أركبته بجواري ، وذهبت به إلى جوار بيتي .. انسلَّت رائحة الدخان من بدنه لتستقرَّ في أنفي كسهم مسموم غُرس في حبَّة القلب .

طلبت منه أن يبقى في مكانه حتى أعود إليه ..
دخلت إلى بيتي في عجل .. أخذت ما وقع تحت يدي من طعام وشراب ، وعدت إليه وقد ذهب به الروع كلَّ مذهب !

لم أنبس ببنت شفة .. غمست وجعي في صبري ، وأسررت بألمي لنفسي ولم أبده له .. لم تفضحني سوى زفراتي !!

توجهت به من جدة إلى بيت الله العتيق بمكة ..
وهناك حيث تتنزل الرحمات ، وتقال العثرات .. طفنا ببيت الله الحرام ، تناثرت خطايانا مع خطواتنا .. هكذا شعرنا !

صلينا ما كُتب لنا .. تخففنا من أحمالنا .. وخلعنا ما على ظهورنا من هموم وغموم ..
جلسنا سوياً ، والكعبة أمامنا ، والمصاحف بأيدينا ، والطائفون يحومون بجوارنا في مشهدٍ لا أجمل منه ! يفيض بالأنس ، وينطق بالطهر ، وينبض بالنقاء ..
وفي لحظة من لحظات الصفاء ..

قام الابن صوب رأس أبيه يجرُّه إليه ، ويقبِّله عليه ..

ودموع الندم البريئة تغسل آثار الخطيئة ..

وعاد الابن الصالح ليغرس بذرة الأمل في صحراء اليأس .. وقد كان ! 

 ومضت رحلة الإحسان
    أرسل الخبر إلى صديق
الشيخ : عبداللطيف بن هاجس الغامدي - 8/8/2007
الناس كظيظ من الزحام على عرصات عرفات .. 
كلهم ينتظرون الدفع إلى جمع .. فهم بين قائم ونائم ، وداعٍ ودامع ، وذاهب وآيب ... 
أطياف شتَّى جُمعت في نسق واحد ! 
وما زال ذلك الشاب أمامي يحوم كالرحى حول والده العجوز الذي عركته السنين ، ونهشته الأيام ، ونخرته الليالي ليغدو كالحلس البالي ... 

عظُم هذا الشاب في عيني وأكبرتُ عمله ، واستطالت قامته أمامي حتى رأيته كالجبال .

وسقطت أمام عيني صوراً محزنة من صور العقوق ، وجمود العواطف ، وخمود الأحاسيس من كثير من الأبناء نحو الآباء ... 

ولكن لا بأس ، فليل الدجى لا يخلو من سراج ! 

أحسست في قلبي بشعور جامح كالسيل الهادر بالرغبة في معانقته وشكره على صنيعه الرائع بوالده ، فقد بلغ في البرِّ مبلغاً ملأ عليَّ جوانحي وسرى في جوارحي سروراً ورضىً ، فما سمعت بلمسة حانية أو خصلة فاضلة أو بصفة طيبة إلا ورأيت ذلك الابن يحنو بها على أبيه في تحنُّنٍ وتلطُّف بلا تبرُّمٍ أو تأفُّف !! 

اشتغلتُ عنه بالدعاء لي وله ، ثم قمت إليه وسلَّمت عليه ، وقلت له : جزاك مولاك الجنة ببرِّك بأبيك وإحسانك إليه وعطفك عليه ... 

تبسَّم كإشراقة الفجر ، ثم قال : إنه ليس بوالدي !! 

قذف في وجهي جملةً من الأسئلة نشبت في حلقي كالمعضلة ، غدوت أمامه كشجرة صفراء تسفعها ريح الشتاء ، وأقبلت أردد : فما صلتك به ؟ ولماذا هذا الحنو معه ؟ لقد عجزنا أن نبذله لمن نحب ، فكيف بمن لا نعرف ؟! 
قال : أنا من بلد ( .... ) وجئت لأداء شعيرة الحج ، وحالما ركبت على مقعدي في الطائرة إذا بي أنظر عن يميني إلى عجوز كبير مرتعش اليدين ، ساقط الحاجبين ، احدودب ظهره حتى عاد كالعرجون القديم ، قد حشر نفسه في ذلك المقعد بلا أنيس أو جليس .. 

سألت نفسي : فأين أهله ؟ أليس له أبناء ؟ كيف يطيق ـ بلا رفيق ـ أن يقوم بجهاد لا شوكة فيه ؟! 

قطعت سيل تلك الأسئلة بسلامي عليه ... 

هشَّ في وجهي ، وأسفر وجهه كفلقة قمر ، وردَّ التحية بأحسن منها ، ثم أقبل نحوي كغريق دنت يداه من طوق نجاة .. 
واندفع كالمطر الهاطل يخبرني بحاله وهوانه على عياله ، فهو رجل ثري مليء ، أحاط به أبناؤه كإحاطة السوار بالمعصم ، وقالوا : يا أبانا ! ما لك لا تحج هذا العام ؟! 

فقال : قلبي يحن للحج ، ولكني ـ كما ترون ـ لا طاقة لي به ، ولا احتمال لي عليه .. 

قالوا : بل أنت قويٌّ سويٌّ !! وهل أعظم من أن تموت في تلك المشاعر بتلك الشعائر على ذلك الصعيد الطاهر ؟!

ـ أموت ! هذا ما تريدون ! الآن فهمت الحكاية .. لقد طال مكثي فيكم ، وليس بينكم وبين ثروتي إلا موتي ، فها أنتم تقذفون بي بين أنيابه ! 
أسرَّها الوالد في نفسه ولم يُبدها لهم .. فمن ذا الذي يطيق أن ينكأ جرحه النازف ؟‍ 

وفجأة توقف عن الكلام .. أخذ يلتقط أنفاسه اللاهثة ، مسح حبَّات العرق التي انسابت فوق وجنتيه لتعبر تجاعيد السنين التي رسمت لوحة الأسى على وجهه الحزين ، وطأطأ برأسه ليقبره بين ركبتيه ، ثم نزعه من بينهما كالسفُّود المبلول ، ليقول : 

دفعوا بي نحو السفر وعاجلوني به ليكون سفري من عاجلتي لآجلتي ... 
أسلمت نفسي لربي ، وفوَّضت أمري إليه ، وسألته في إلحاح : ربِّ ! أنت أكرم الأكرمين ، وأنا ضيفك ، فأحسن وفادتي بتيسير من يقوم بخدمتي ويعتني بحاجتي .. 

هطلت تلك الكلمات كالطل الندي لتروي بذرة الإيمان في قلب ذلك الشاب التقي ، فأثمرت ما يسرُّ الناظرين ! 
ضمَّ الشاب يد العجوز المرتعشة بين يديه ، وزمَّ شفتيه ، وشخص ببصره للسماء ، وقال : قد استجيبت دعوتك ، فأنا في خدمتك ، وإني لأرجو أن تكون بِرَّ حجي هذا العام ! 

ومضت رحلة الإحسان ... لتدوي في مسمع الزمان : ما زالت الدنيا بخير .... 
وما زلت أتسأل في لهفة : ماذا صنع الأبناء عندما عاد إليهم والدهم ؟! لقد فشلت خطَّتهم ، وخسرت حساباتهم ، وغفلوا عن الحساب في يوم الحساب !!!


 سرُّ السعادة !
    أرسل الخبر إلى صديق
الشيخ : عبداللطيف بن هاجس الغامدي - 8/8/2007
انشقَّ القمر إلى فلقتين !
قطعة منه بين يديه ، وما تبقى منه قد اخترق حُجب الفضاء .. معلَّقٌ بين الأرض والسماء كقنديلٍّ وهَّاج !
هكذا ظنَّ الزوج في ليلة عرسه
رقصت له فراشات الفرح ، وولد مولود الهناء من رحم الحياة ..

نطقت تباشير السعادة من فم الزمان ..

وشقَّ الضياء بخنجر النور خاصرة الليل المظلم ، وأرسلت شمعة السرور أطيافها في السرداب المعتم

كانت الليلة الأولى ـ ويا لها من ليلة ! ـ ثم تتابعت تفاصيل الحكاية بفصولها الأربعة

عاشا كعصفورين متناغمين في كنف الأحداث ..
وكغزالتين هانئين ترتعان في حقول الأيام ..
وكنحلتين سعيدتين برشف رحيق اللذة من بين أحضان الأزهار
ونمى حبل الأمل مع تحريك الجنين الأول في بطن زوجته ..
نبتت معه فسائل الأماني ، وترعرعت بوجوده شجرة الأحلام ..

هل يكون عالماً ؟ أو مجاهداً ؟ أو داعية ؟!

تُرى ما لونه ؟ وكيف أوصافه ؟

أهو كوالده الفارع في الطول ؟ أم أنها نحت في الجمال كوالدتها الرقيقة ؟

أسئلة حائرة تتابعت في السقوط كأوراق الخريف ، لتجثم ـ بلا جواب ـ عند جذور التخمين والتوجس والانتظار !

الجميع في انتظار لحظات الإشراق ، لتطلَّ برأسها كالصبح شمس الحقيقة !
وخطت بهما أقدام الزمان لتقف بهما عند عتبة لحظات الولادة ..

كانت القلوب تخفق في وجل ، واللهفة سيدة الموقف بلا منازع !

وبعد أوجاع المخاض لبدنها ولقلبه ، دوَّى بكاء الصغيرة في أرجاء المكان ، لتهطل سحابات الفرح بزخَّات الابتسامات ..
وفي غمرة السرور أطل الحزن بوجهه الكالح ، ليطعن الفرح في مقتله !
فعجباً للحظات السعادة ما أعجلها !

وحلَّت الفاجعة ..
فالبنت الصغيرة مصابة بنقص حادٍّ في الدماغ ، ستظل به ـ في عرف الأطباء ـ حبيسة الفراش بلا كلام أو فهم أو حراك حتَّى الموت .. !

وستنمو كشجيرة ذابلة حتى تلتهم ما كتب لها من حياة ، ثم تكون النهاية كشمعة تأكل أطرافها حتى يمحوها العدم ..
وكان الألم !!

أنشب الحزن مخلبه في كبد الحياة .. ففاضت من العين أوجاع وأوجاع !
وبعد أن سكنت عاصفة الحزن ، جلسا والطفلة بينهما ، تغطُّ في سبات عميق ..

قال لزوجته : ما رأيك أن تكون هذه الفتاة سرُّ سعادتنا ؟!
زمَّت بشفتيها ، وهزت رأسها ، وكأنما تريد أن تقول له : ما هذا الهذيان ؟! كُفَّ عن العبث بالجراح القديمة !

افترَّ ثغره ببسمة حانية ، وقال : كم ستظل سعادتنا بها لو كانت سليمة ؟!
لم تُجب ، فأجاب : عشر سنوات ، عشرون ، ثلاثون ... ثم النهاية لنا ولها ، ولكن ؛ لو جعلناها سبب سعادتنا في الحياة التي لا تنتهي أو تنقضي ، لكنَّا بها سُعداء أبد الآبدين وخلود الخالدين ، فالرضا بالقضا ، سبب لرضى الله في يوم القضاء والحساب ، إنما الصبر والاحتساب ، فأرِ الله منك خيراً .. يا زوجتي المؤمنة !

ارتوى القلب من نبع الإيمان ، فانقشعت عواصف الحزن ، وأطلت الشمس صافية في كبد السماء تعلن ميلاد يوم جديد ..
وفجأة !

استيقظت الفتاة من نومها .. وعلت وجهها ابتسامة صغيرة كعمرها !



جميع الحقوق محفوظة  ©  للشبكة الإسلامية هاجس   2004  -  2007   المملكة العربية السعودية  ص . ب  
34416    جدة   21468 





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire